تعمل البنوك المركزية عادةً على إطلاق مؤشرات العملات الرئيسية لقياس أداء العملة المحلية وتغيير الثقافة المتعارف عليها لربط العملة بعملة أجنبية مثل الدولار الأمريكي، وفي هذا السياق، أفادت مصادر مصرفية بأن البنك المركزي المصري يعتزم إطلاق مؤشر خاص بالجنيه المصري خلال النصف الثاني من عام 2025.
مؤشر الجنيه المصري سيتألف من سلة من العملات الدولية والذهب، وهذا يهدف إلى تغيير الصورة الذهنية للمواطنين والتخلص من الارتباط القوي بين سعر صرف الجنيه المصري والدولار الأمريكي، وعمل البنك المركزي أيضًا على استخدام عقود التحوط للعملة بعد الانتهاء من العقود المستقبلية.
يُعتبر إطلاق مؤشر لقياس أداء العملة أمرًا معتادًا في العديد من الدول، حيث توجد مؤشرات رئيسية للعملات تعتمد على سلة من العملات بأوزان متفاوتة، ويهدف الأمر إلى تحقيق سعر صرف واقعي بدلاً من الاعتماد الكامل على عملة واحدة كالدولار الأمريكي.
يهدف إطلاق مؤشر الجنيه المصري إلى تغيير الصورة الذهنية للمواطنين والتأكيد على أن مصر ليست في حاجة لربط سعر صرف الجنيه بالدولار الأمريكي بنفس القوة التي تفعلها الدول الخليجية، فعلى سبيل المثال، تقوم الدول الخليجية بربط عملاتها بالدولار بسبب اعتماد اقتصادها بشكل كبير على صادرات النفط في الأسواق العالمية واستيراد مجموعة واسعة من السلع الاستراتيجية والأسلحة والتكنولوجيا الحديثة من الولايات المتحدة الأمريكية.
يصف الخبراء الربط القوي بين الجنيه المصري والدولار بأنه “مغلوط”، نظرًا لأن الولايات المتحدة ليست الشريك التجاري الرئيسي لمصر، إلا أن الدولار لا يزال العملة المستخدمة لتسوية المعاملات الدولية والسداد بين الدول المختلفة. ومن المهم بناء احتياطي نقدي يتضمن عملات متنوعة على المدى المتوسط إلى الطويل، بالإضافة إلى تطوير الاكتفاء الذاتي للبلاد في الإنتاج والتصنيع لتقليل الاعتماد على الدولار تدريجيًا في وارداتنا واحتياجاتنا.
على المدى البعيد، يمكن أن يؤدي تطوير منظمة البريكس والتعاون مع منظمة دول شنجهاي إلى تغيير عملة التسوية للمعاملات التجارية من خلال قبول العملات المحلية للمجتمعات المختلفة، ويعتبر تواجد مصر في هذه المؤسسات فائدة كبيرة لتعديل الموازين التجارية وتسوية المعاملات بالجنيه المصري.
من الواضح أن فك الارتباط الكامل بالدولار لن يحدث في وقت قريب، ومازالت الولايات المتحدة تلعب دورًا كبيرًا في تسوية المعاملات الدولية، ومع ذلك، فمن الأهمية بناء احتياطي نقدي متنوع يتضمن العملات المختلفة على المدى المتوسط إلى الطويل، وذلك من خلال تطوير القدرات المحلية وتحسين صادراتنا وتقليل وارداتنا.
لذا، يمكن القول إن إطلاق مؤشر الجنيه المصري سيساهم في تحقيق تغيير في الثقافة المالية والاقتصادية، وستكون له فوائد ملموسة في تحقيق التوازن التجاري وتعزيز السيادة المالية لمصر.